الاكتفاء الذاتي التقني- قوة سيادية وأمان معلوماتي

المؤلف: عبده خال09.04.2025
الاكتفاء الذاتي التقني- قوة سيادية وأمان معلوماتي

أجدني متوافقًا بشكل كامل مع ما طرحه الكاتب القدير سعيد آل منصور في مقالته القيّمة التي نُشرت في جريدة عكاظ الغراء تحت عنوان (إذا لم نملك أدواتنا.. فنحن أدوات!)، بل إن اتفاقي يتجاوز ذلك ليشمل رؤية أوسع وأكثر شمولية، تتمحور حول تحقيق الاكتفاء الذاتي الشامل في كافة المجالات الحيوية والاستراتيجية. هذا الاكتفاء الذاتي هو الضمانة الحقيقية لترسيخ دعائم القوة السيادية لبلادنا، وتمكينها من امتلاك القدرة والعزة والاكتفاء في كل شأن من شؤون الدولة العظيمة.

لقد سلطت مقالة الكاتب المرموق سعيد آل منصور الضوء على أهمية البحث الدؤوب عن بدائل وطنية لمنصات التواصل الاجتماعي الغربية وشبكاتها المتنوعة. فالكاتب يرى أن هذه المنصات تمثل قوة إلكترونية هائلة لا يمكن الوثوق بها بشكل كامل، نظرًا لاحتمالية تعرضنا لهجمات إلكترونية أو إيقاف خدماتها لأي سبب كان. لذلك، فإن جوهر المقالة يتمحور حول إيجاد حلول وبدائل محلية الصنع، قادرة على حمايتنا من أي اختراقات معلوماتية أو تقنية محتملة.

وفي هذا السياق، نجد أننا نعتمد اعتمادًا شبه كلي على منصات عالمية شهيرة مثل إكس، وفيسبوك، وإنستغرام، وسناب شات، وتيك توك. ولا يخفى على أحد أن هذه المنصات، بما أنها نشأت وترعرعت في بلدان أخرى، تخضع لقوانين وأنظمة تلك البلدان، وتفرضها على جميع مستخدميها. هذا الأمر يجعلنا عرضة لسيطرة هذه المنصات بشكل كامل، سواء كان ذلك من خلال شن هجمات إلكترونية، أو منع الوصول إلى خدماتها، أو غير ذلك. وانطلاقًا من هذا المنطلق، يصبح تحقيق الاكتفاء الذاتي في الجانب التقني مسألة ضرورية وحتمية.

من المسلم به أن السنوات المقبلة ستشهد تحولًا كبيرًا في أساليب الدول في حماية أمنها ومصالحها الاقتصادية، إذ ستتجه الأنظار نحو الحرب التكنولوجية التي سيكون الذكاء الاصطناعي هو السلاح الأقوى فيها. ولعل الاستثمار الضخم الذي وقّعه سمو الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس ترمب، والذي يهدف إلى توجيه مليارات الدولارات نحو الاستثمار المكثف في مجال الذكاء الاصطناعي، يعتبر خطوة رائدة في هذا الاتجاه. هذا التوجه يعكس مدى استيعاب القيادة الرشيدة لمتطلبات المستقبل وأدواته، والتي تهدف في المقام الأول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي التقني. وهذا التذكير بمثابة رسالة طمأنة لجميع المواطنين، تؤكد أن بلادنا تسير بخطى ثابتة نحو فهم واستيعاب كافة المستجدات والمتغيرات التقنية الحديثة والمستقبلية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة